- وقت القراءة: 5 دقائق.
تهريب الكبتاغون: التحقيق لا يزال محظوراً على الصحفيين السوريين
قُتل الصحفي السوري محمود الحربي بعد أن خرق الحظر المفروض على الاتجار بالكبتاغون، جنوب البلاد في عهد بشار الأسد. وعلى الرغم من سقوط النظام قبل نحو شهرين، لا يزال التحقيق في هذه التجارة المربحة محفوفاً بالمخاطر بالنسبة للصحفيين السوريين. وقد أرسل ثلاثة صحفيين سوريين نتائج ما توصلوا إليه لموقع “فوربيدن ستوريز” (قصص محظورة)، لمواصلة عملهم.
● يستمر تهريب الكبتاغون على الحدود بين سوريا والأردن، على الرغم من سقوط نظام بشار الأسد، الذي كانت عائلته (الأسد) تسيطر على هذه التجارة المربحة.
● أحد المشتبه فيهم بقتل الصحفي محمود الحربي، هو حر طليق الآن، ولا يزال على علاقة بتجار الكبتاغون.
فوربيدن ستوريز
08 فبراير 2024
Notre partenaire pour cette enquête
Sultan al-Halabi
Équipe de Forbidden Stories
Directeur de publication : Laurent Richard
Rédacteur en chef : Frédéric Metezeau
Coordination de la publication : Louise Berkane
Vidéo : Anouk Aflalo Doré
Fact-check : Emma Wilkie
Secrétariat de rédaction : Simon Guichard,
Mashal Butt
Traduction : Amy Thorpe
Communication : Alix Loyer
Intégration : Louise Berkane
في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، كان محمود الحربي الكفري على وشك الانطلاق بسيارته على طريق في قرية معربة السورية، لكنّ وابلاً من الرصاص انهال عليه. لم يرحمه قاتلوه، كما تُظهر لقطات فيديو من كاميرات المراقبة، التي تمكنت “قصص محظورة” من الوصول إليها.
صورة لمحمود الحربي الكفري، الصحفي السوري الذي حقق في تهريب الكبتاغون
في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، كان محمود الحربي الكفري على وشك الانطلاق بسيارته على طريق في قرية معربة السورية، لكنّ وابلاً من الرصاص انهال عليه. لم يرحمه قاتلوه، كما تُظهر لقطات فيديو من كاميرات المراقبة، التي تمكنت “قصص محظورة” من الوصول إليها.
كان الحربي، وهو صحفي في موقع “درعا 24” الإعلامي، قد كشف قبل عشرة أيام عن تورط عائلة محلية في الاتجار بالكبتاغون؛ وهو مخدر مُصنَّع له تأثيرات محفزة.
وفي المادة المنشورة، لم يُذكر اسم الصحفي “الحربي”، الذي قال إن “أحد أفراد عائلة الرويس (ر.ا) ينحدر من قبيلة بدوية ومتهم بالعمل في تجارة المخدرات… وقد تم إخلاء مزرعته المُستخدمة كمستودع أو معمل لتصنيع الكبتاغون، وذلك بعد القصف الأردني لمقرات التهريب في درعا والسويداء”.
تقع هاتان المدينتان جنوب سوريا، مع الحدود الأردنية، وقد أصبحتا مركزين لتهريب الكبتاغون الذي يُعدّ بوابة استراتيجية لدول الخليج، حيث يمكن شراء قرص “أمفيتامين” بمبلغ يصل إلى 20 دولاراً للقرص الواحد.
الكبتاغون: تجارة تتجاوز قيمتها 10 مليارات دولار
درعا 24، وسيلة إعلامية محلية أُسست في المدينة التي تحمل الاسم نفسه عام 2018 -في ظل حكم نظام بشار الذي لا يرحم- وتقدم نفسها على أنها “شبكة إعلامية مستقلة غير مرتبطة بأي كيان سياسي أو عسكري”. ينشر الموقع المقالات والمواد الصحفية من دون أسماء كتابها، ولا يُطلب من الصحفيين الكشف عن هوياتهم. اكتسب فريق التحرير، الذي يبلغ قوامه نحو 30 شخصاً، سمعة قوية عبر عدة سنوات من العمل، نُشر خلالها العديد من المقالات حول التجارة غير المشروعة للكبتاغون، التي تقدر أرباحها بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً، وفقًا لصحيفة لوموند الفرنسية.
صور من كاميرات المراقبة التي حصلت عليها “Forbidden Stories ” مباشرة بعد فرار قتلة محمود الحربي الكفري (حقوق الصورة: Forbidden Stories)
أخبرنا ميكاد* (وهو اسم مستعار لصحفي سوري من زملاء الحربي) أن “تجارة الكبتاجون أكبر بثلاث مرات من تلك التي تقوم بها الكارتلات المكسيكية؛ لذا علينا فضحه”. رئيس تحرير موقع “درعا 24″، شخص متكتم حذر، بمثابة “الظل” حتى بالنسبة لزملائه؛ وهو يحاول ضمان سلامتهم بأي ثمن
ويضيف ميكاد: “لا أستطيع أن أقول على وجه التحديد أي تقرير أو خبر أدى إلى وفاته (الحربي)، ما أعرفه هو أنه قُتل على يد أحد رجال الميليشيا المرتبطين بأباطرة الكبتاغون”.
لم تكن المليارات من حبوب الكبتاغون التي تُصدّر إلى جميع أنحاء العالم، بعيدة عن يد عائلة الأسد أبداً؛ حتى إن المخدرات أصبحت على مر السنين الدعامة الاقتصادية الأساسية للنظام الذي خنقته الحرب والعقوبات الدولية.
إنه موضوع فضّل صحفيون محليون مثل سلطان الحلبي، الذي يستخدم اسماً مستعاراً، عدم التطرق إليه. يقول سلطان الحلبي، وهو صحفي سوري مقيم في السويداء، المدينة ذات الغالبية الدرزية التي تبعد نحو مئة كيلومتر الى الجنوب من دمشق: “كنت أعرف أنني يجب أن أبقى بعيداً عنه، لقد رأيت كل شيء، لكني لم أنشر سوى تقارير عن المضبوطات الرسمية التي طرحها النظام”.
ويؤكد أن الكبتاغون كان في كل مكان في المدينة، لكنهم لم يتمكنوا من الحديث عنه إلا ظاهرياً.
صورة لبشار الأسد مشوهة في شوارع حماة، مباشرة بعد سقوط النظام في ديسمبر 2024 (حقوق الصورة: VOA)
على الرغم من أن منطقة السويداء كانت بمنأى عن الاعتقالات التعسفية والتفجيرات في ظل النظام “الديكتاتوري”، لكنّ نظام المراقبة شمل جميع السكان والصحفيين المحليين. أصبح ذلك جلياً للحلبي بعد هروب الأسد وسقوط النظام في كانون الأول/ديسمبر 2024.
فقد عُثر في أرشيف أجهزة المخابرات السورية على دفتر بعنوان “معلومات”، سُجّلت فيه مختلف تفاصيل حياته (الحلبي) من قبل جهاز المخابرات: “متزوج، لم يؤدِ خدمته العسكرية الإلزامية، وكان ضمن المتظاهرين في السويداء”. وحتى الساعات الأخيرة من حكم حزب البعث، كان عملاء المخابرات يسجلون كل تفاصيل حياته، إلى جانب تفاصيل حياة مئة صحفي وناشط آخر من محافظته.
هذه المراقبة المستمرة، بالإضافة إلى عهد الإرهاب في سوريا، زادت من المخاطر التي يتعرض لها أولئك الذين تجرأوا بالكتابة عن الكبتاغون. ويعترف أحمد، وهو صحفي في موقع الراصد نيوز، وأب لطفلين، بأنه كان يفرض رقابة ذاتية على نفسه لحماية عائلته. يقول: “اقتصرنا على المعلومات التي تنشرها وسائل الإعلام المقربة من النظام، كان من الخطورة بمكان الذهاب إلى أبعد من ذلك”.
بالنسبة لزملائه، شكّل مقتل الحربي "خطاً أحمر"
بعد عام من مقتل الحربي، اكتشف فريق “درعا 24” مقطع فيديو يُظهر أحد المشتبه فيهم بقتله وهو يحضر حفل زفاف أحد أبناء محمد الرفاعي، المعروف بأبي علي اللحام، والمطلوب لدى السلطات الجديدة، وفقًا لقناة الجزيرة القطرية. يُتهم اللحام -وهو قائد ميليشيا يزعم تبعيتها لجهاز المخابرات الجوية الذي كان جهازاً أساسياً لنظام الأسد في قمع السوريين- بجرائم الاختطاف والقتل، إضافة إلى تدبير تهريب الكبتاغون إلى الأردن.
"عندما علمنا بمقتل الحربي... وصلتنا رسالة واضحة: لا تقتربوا من هذا الموضوع".
بالنسبة للصحفيين في المنطقة، فإن مقتل الحربي مثّل خطاً أحمر لا يجب تجاوزه، وفقاً لميكاد. يقول سلطان الحلبي: “لقد علمنا بما نشره موقع درعا 24 بشجاعة عن عصابات الكبتاغون، حين عرفنا بمقتله (الحربي)… وقد أرسل لنا ذلك رسالة واضحة: لا تتطرقوا إلى هذا الموضوع” .وأضاف أنه حتى بعد سقوط النظام، “لا يزال موضوع الكبتاغون من المحرمات في المنطقة”.
مجموعة من الثوار متجمعين حول تمثال باسل الأسد، شقيق بشار الأسد، خلال السيطرة على حلب في نوفمبر 2024 سيتم هدم التمثال لاحقًا في نفس اليوم (حقوق الصورة: VOA)
منذ فرار الأسد إلى روسيا، يقول الحلبي إن مسلحين يُخفون هويتهم يجوبون شوارع السويداء، ويضيف: “لقد فرّ عدد قليل منهم، لكن غالبية عناصر الميليشيات لا يزالون هناك، وسقوط (الأسد) لم يغير أي شيء من ذلك”.
وعند سؤاله عما إذا كان يفكر في التخلي عن اسمه المستعار، كان رده واضحاً: “لا… أعلم أن العديد من الصحفيين كشفوا عن هوياتهم، لكنني أُقدّر الحرية التي يمنحني إياها اسمي المستعار، ومع ذلك، حتى أثناء العمل تحت اسم مستعار، لا يمكنك الوصول إلى جميع المصادر حول الكبتاغون، لأنه لا يزال موضوعاً خطيراً”.
وبسبب عدم قدرتهم على نشر بعض المعلومات الحساسة التي بحوزتهم، قرر الحلبي وأحمد وميكاد إرسالها إلى منظمة “فوربيدن ستوريز” (قصص محظورة)، على أمل كسر حاجز الصمت المفروض على تهريب الكبتاغون، وهو الشر الذي لا يزال يفتك بمناطق السويداء ودرعا.
أسماء الصحفيين الذين تمت مقابلتهم تم تغييرها لأسباب أمنية